ضمن جهودها لتعزيز معدلات خفض الكربون والسعي لتحقيق الحياد المناخي، والمساهمة في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، بما يواكب توجهات دولة الإمارات، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة، ضمن مشاركتها في فعاليات مؤتمر دول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للمناخ COP27 المقام في مدينة شرم الشيخ المصرية، الإصدار الثاني من دليل الإمارات للأعمال الخضراء، بالتعاون مع المعهد العالمي للنمو الأخضر.
جاء الإطلاق خلال جلسة حوارية أدارتها هيلينا ماكلود - نائب المدير العام المعهد العالمي للنمو الأخضر، بمشاركة معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة.
وقالت معالي المهيري: " إن القدرة على مواجهة تحدي التغير المناخي، وتحقيق نتائج ملموسة في خفض مسبباته وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته، يرتبط بمدى تعاون ومشاركة كافة مكونات المجتمع وقطاعاته في جهود خفض الكربون والوصول للحياد المناخي، لذا تضع دولة الإمارات مشاركة القطاع الخاص في توجهاتها المستقبلية كافة كأولوية يتم العمل على تحقيقها وتعزيزها بشكل دائم، ويأتي إطلاق دليل الأعمال الخضراء بنسخته الأولى وإصداره الثاني ضمن جهود وزارة التغير المناخي والبيئة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في جهود مواجهة تحدي تغير المناخي، ثم تبني ممارسات الاستدامة الخضراء التي تضمن تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة، والوصول إلى الحياد المناخي بما يواكب مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي للوصول للحياد المناخي بحلول 2050."
ويستهدف الإصدار الثاني من دليل الأعمال الخضراء، الاستفادة من حالة الوعي التي زادت في قطاع الأعمال بالأهمية الاقتصادية المتوازنة التي تضمنها الممارسات المستدامة الخضراء على المستوى الاقتصادي، في تعزيز جهود الدولة عبر مشاركة كافة القطاعات وبالأخص القطاع الخاص في تحقيق الحياد المناخي وإيجاد منظومة اقتصادية منخفضة الكربون.
ويشمل الإصدار الثاني من الدليل تعريف شامل بماهية الحياد المناخي وأهميته، وما يعنيه تطبيق آليات تحقيق هذا الحياد لتعزيز فرص نمو الأعمال وخفض كلفتها التشغيلية على المدى الطويل، والإضافة التي سيحققها قطاع الأعمال من اتباع ممارسات الاستدامة الخضراء في تعزيز سمعته وتنافسيته العالمية وتقوية علاقاته العالمية، وأهميته في استقطاب المواهب والكفاءات البشرية.
كما يحدد الإصدار الثاني خارطة عامله لقطاع الأعمال بكيفية رسم خطة البدء في السير نحو الحياد المناخي، وتطوير استراتيجية أعمال متكاملة تضمن تحقيق هذا الحياد، ويقسم عملية رسم خارطة الطريق إلى 4 خطوات رئيسة تشمل قياس مستويات الانبعاثات التي تطلقها كل مؤسسة، ثم تحديد الأهداف المرجو تنفيذها والوصول إليها، ثم آليات العمل لتحقيق الأهداف، ثم كيفية ربط هذه الأهداف بجهود ومنظومة عمل الدولة بشكل كامل.
ولضمان تحقيق أعلى استفادة للقطاع الخاص من منظومة الأعمال الخضراء وفهم آلياتها بوضوح أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في مايو الماضي مبادرة "الحوار الوطني حول الطموح المناخي" والذي استهدف تنظيم اجتماعات شهرية مع كافة المؤسسات العاملة في كل قطاع لتوضيح توجهات الحياد المناخي بشكل جلي، والتعرف على قدرات كل قطاع وامكاناته والتحديات التي يواجهها والمتطلبات التي تسهل عمله ضمن منظومة تحقيق الحياد المناخي، كما يتضمن الدليل تطرقا لأفضل الممارسات والتقنيات المتاحة للتحويل الأخضر على مستوى التشييد والتشغيل ومن اهمها تقنيات استخدام الكهرباء النظيفة في العمليات التشغيلية وكفاءتها واستخدام مصادر الطاقة والنقل النظيفة وبدائل المواد الخام النظيفة.
وكانت الوزارة قد أطلقت الإصدار الأول من دليل الإمارات للأعمال الخضراء في العام 2018، بهدف توضيح الخطوات والإجراءات اللازمة للقطاع الخاص لجعل أعمال أكثر صداقة وحفاظا على البيئة.
ويأتي الدليل كخطوة داعمة معززة لمستهدفات دولة الإمارات لخفض معدلات الكربون والسعي نحو الحياد المناخي 2050، وأهداف الخمسين لدولة الإمارات، وما تستهدفه الأجندة الخضراء لدولة الإمارات 2030، والخطة الوطنية للتغير المناخي 2050، ويوفر المعلومات اللازمة كافة لقطاع الأعمال القائم فعليا أو الذي ما يزال في مرحلة التأسيس لتطبيق منظومة خضراء صديقة للبيئة في الأعمال، واختصت المعلومات والإجراءات التي وفرها الدليل في إصداره الأول ثلاث نطاقات رئيسية في الأعمال، النطاق الأول هو بيئات العمل الداخلية أو المكاتب الخضراء، والثاني يختص بإجراءات المشتريات الخضراء، والثالث بإجراءات الإنتاج والمنتجات الخضراء، بالإضافة إلى آليات تنفيذ هذه الإجراءات لضمان تطبيقها بالشكل الصحيح.
وشهدت السنوات الأربع التي تلت الإصدار الأول نمواً كبيراً في مستويات وعي مؤسسات القطاع الخاص وحركة الاستثمار لمدة الحاجة الماسة لتبني متطلبات تحقيق الاستدامة، وعلى الرغم من تزايد الآثار السلبية المرتبطة بالمناخ ، فإن الحاجة إلى إعطاء الأولوية للممارسات المستدامة لم تصبح أكثر وضوحًا إلا خلال جائحة COVID-19 العالمية. في الوقت الذي يتطلع فيه الاقتصاد الإماراتي نحو خطط التعافي ، فإن الاهتمام المتزايد مطلوب لإدارة المخاطر البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالمناخ لدرء الاضطرابات المستقبلية.
ويساهم توسيع قاعدة الأعمال الخضراء في إيجاد فرص نمو جديدة عالية الكفاءة، كما من دورها تحقيق استفادة متعددة الجوانب فعلى الجانب البيئي سترفع معدلات صداقة البيئة والحفاظ على استدامة مواردها الطبيعية، وعلى الجانب الاقتصادي ستخفض تكاليف العمل والإنتاج عبر رفع كفاءة استخدام الموارد كافة وتقليل نسب الهدر في الاستهلاك، كما ستزيد ثقة السوق في المنتج كون صداقة البيئة أصبحت معيار عالمي هام لجودة المنتج، وعلى جانب بيئة العمل تطبيق إجراءات الاقتصاد والعمل الأخضر الصديق للبيئة يحسن الصحة العامة للموظفين ويرفع مستوى السعادة في بيئة العمل ويخلق حالة متزايدة من رضا العملاء.
وتشير الدراسات والتقديرات الاقتصادية إلى أن التحول إلى منظومة الاقتصاد الأخضر في الامارات ستساهم في نمو النتاج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 4 إلى 5.5%، وخلق 160 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030.
ويهدف الإصدار الثاني من الدليل إلى تعزيز ما حققه الإصدار الأول، ويشمل مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز قدرة الشركات على التكيف مع الاقتصاد العالمي الذي يمر بمرحلة انتقالية، وتحفيز القطاع الخاص لتخصيص الموارد للمساهمة في تحقيق مستهدفات الحياد المناخي.