شدد معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة على أهمية التعامل مع حماية البيئة وتحقيق استدامة مواردها الطبيعية وتسريع وتيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر كركيزة أساسية لخطط وتوجهات التعافي من التأثيرات السلبية الاقتصادية والاجتماعية التي أوجدتها جائحة فيروس كورونا المستجد على المجتمعات كافة.
جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في الاجتماع الوزاري الأول لدول غرب آسيا بشأن جائحة كورونا والبيئة، والذي نظمه المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، واستهدف تسليط الضوء على آثار الجائحة على المنطقة والتوصية بإجراءات وسياسات محددة ومستدامة تراعي حماية البيئة.
وقال معاليه في مداخلته خلال الاجتماع: " إن انتشار وباء فيروس كورونا المستجد تسبب في إحداث انكماش اقتصادي عالمي تعمل دول العالم كافة على التعافي منه حالياً، لذا يجب الالتفات إلى ضرورة ربط هذا التوجه للتعافي بحماية البيئة وتعزيز وتيرة العمل من أجل المناخ، حيث ما يزال التغير المناخي يمثل التحدي المصيري امام قدرة البشرية وأشكال الحياة بشكل عام على كوكب الأرض على الاستمرار."
وأوضح أن القدرة على مواجهة هذا التحدي المصيري تعتمد على تركيز خطط وإجراءات التعافي المستقبلية على المزيد من التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري، إضافة إلى مراعاة حماية البيئة البحرية والحفاظ على صحة المحيطات لتعزيز منظومة الاقتصاد الأزرق، لافتاً إلى أن دولة الإمارات تولي هذه المنظومات أولوية استراتيجية بالأخص الاقتصاد الأزرق حيث يساهم بنسبة تقارب 68% من الناتج المحلي.
وأشار معاليه إلى ان جائحة كورونا أظهرت جلياً مدى تذبذب سلاسل التوريد العالمي وخاصة للغذاء وإمكانية تأثرها سلباً بأية كوارث أو اوبئة، الأمر الذي يهدد منظومة الامن الغذائي في أي مجتمع، لذا يمثل تحقيق أمن الغذاء وضمان سلامته الركيزة الأهم حالياً في توجهات دولة الإمارات بشكل عام، وفي استراتيجية عمل وزارة التغير المناخي والبيئة بشكل خاص.
ولفت معاليه إلى ان دولة الإمارات قدمت نموذجاً ناجحاً في التعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث أقرت العديد من الإجراءات والضوابط الاحترازية التي ساهمت في السيطرة على أنتشار الفيروس، كما عملت في الوقت ذاته على مواصلة مشاريعها وخططها الاقتصادية والاجتماعية البناءة، حيث واصلت كافة الجهات البيئية المعنية في الدولة تقديم خدماتها عبر التقنيات والقنوات الحديثة (إلكترونية وذكية)، والتزمت الدولة بالجدول الزمني المحدد لمشاريع زيادة حصة الطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي حيث تم إرساء عقد إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في أبوظبي بقدرة 2 جيجا وات، ودخل الخدمة اول مفاعل نووي في مشروع محطة براكة للطاقة النووية للأغراض السلمية.
وأضاف:" ومن أجل مستقبل أفضل، وكبارقة أمل لتحفيز همم الشباب العربي، ولتوفير قاعدة بيانات واسعة يمكن عبرها تطوير منظومة التعامل مع التغير المناخي، واصلت دولة الإمارات مشروعها لاستكشاف الفضاء عبر اطلاق "مسبار الأمل" لاستكشاف كوكب المريخ.
شارك في الاجتماع سعادة الدكتور محمد مبارك بن دينة نائب رئيس جمعية الأمم المتحدة للبيئة الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة، وسعادة إنجر أندرسن المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وسامي ديماسي، المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، بالإضافة إلى وزراء البيئة ورؤساء المجالس والسلطات البيئية لدول منطقة غرب آسيا.
ومن جهتها قالت سعادة السيدة انجر اندرسن – وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئية: " يأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي يواجه فيه العالم اضطرابات ومخاطر بيئية هائلة وتزايداً في الكوارث الطبيعية، لذا نسعى عبر اجتماعنا على العمل من اجل هذا الوضع المقلق عن طريق استخدام التعافي من الجائحة لإعادة البناء بشكل أفضل، ووضع صحة الكوكب في صميم قراراتنا جميعا."
وأضافت: " على الرغم من تفاقم المخاطر التي يمثلها تغير المناخي على المجتمع الدولي ككل، ما يزال لدينا فرصة حقيقية للعمل من خلال ضمان إعطاء الأولوية لصحة الكوكب في خطط التعافي وبالأخص في الوقت الحالي الذي يشهد تكاتف وتعاون دولي بسبب جائحة كورونا."، مشيرة إلى أن إذا الاستثمار في التعافي الأخضر هو الشيء الوحيد المنطقي من الناحية الاقتصادية. حيث يتسبب تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ في تكبد تريليونات الدولارات من التكاليف في جميع أنحاء العالم، وفي المقابل يشير أبحاث حديثة إلى أن سلسلة من التدابير لحماية العالم الطبيعي وخدمات النظام البيئي ستكلف 2% فحسب من فاتورة التعافي بعد جائحة كورونا.
إلى ذلك اكد البيان المشترك الذي خرج عن الاجتماع على ارتفاع مستوى التأثيرات السلبية التي خلفها فيروس كورونا المستجد على سلامة البشر والبيئة، بالإضافة إلى منظومة الاقتصاد محلياً وإقليمياً وعالمياً.
ولفت البيان إلى أن الجائحة أدت إلى زيادة ملحوظة في إنتاج النفايات بشكل عام على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، كما تسببت في خفض حركة الاستثمار في الإجراءات والأنشطة البيئية والاقتصادية المعتمدة على الخدمات البيئية، بسبب الإجراءات الاحترازية .
وشدد المشاركون في الاجتماع – عبر البيان – على ان التحديات البيئية ستبقى أولوية للمجتمع الدولي، خاصة عند العودة إلى الحياة الطبيعية ومع اعتماد الحكومات خططاً لتحفيز الاقتصاد مما يتطلب وضع وتنفيذ سياسات وخطط استراتيجية "لإعادة البناء بشكل أفضل".
ودعا الاجتماع الى تعزيز التنسيق الإقليمي وبذل الجهود وتبادل المعارف والخبرات الإقليمية، للعمل من أجل بيئة صحية للأجيال الحالية والمستقبلية، كما دعا مكتب برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا إلى مواصلة تقديم الدعم الفني لدول المنطقة وخاصة تلك المتأثرة بالأزمات، لتعزيز البعد البيئي في استجاباتها للجائحة، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والوفاء بالتزاماتها نحو الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف ذات الصلة.