أشاد معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد، وزير البيئة والمياه بالجهود التي تبذلها كافة الجهات المعنية في الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، لا سيما في مجالي المياه والطاقة، اللذان يُعدان من بين أهم القضايا الاستراتيجية في الدولة، مؤكداً أن السياسات الرشيدة التي اتخذتها دولة الامارات العربية المتحدة في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – رئيس الدولة (حفظه الله) والتي تقوم على تفهم أكبر للعلاقة المتداخلة والآثار المتبادلة بين قطاعي المياه والطاقة وغيرهما من القطاعات التنموية كان لها بالغ الأثر في التحسن الذي شهدته دولة الامارات في السنوات الأخيرة في القطاعين.
وأضاف معاليه في بيان صحفي بمناسبة يوم المياه العالمي الذي يصادف اليوم، إن تركيز شعار المناسبة على "المياه والطاقة" يؤكد الحاجة الى إيلاء العلاقة بين القطاعين أهمية أكبر في السنوات المقبلة، خاصة في ظل الضغوط والتحديات الطبيعية والبشرية التي يتعرض لها كلا الموردين، والمنتظر تفاقمها في المستقبل بفعل الحاجة لمواجهة الطلب المتزايد من موارد المياه والطاقة نتيجة النمو السكاني والاقتصادي وزيادة حدة التنافس بين القطاعات المختلفة على تلك الموارد.
وتشير التقديرات الى أن عمليات انتاج المياه ونقلها ومعالجتها تستهلك في الوقت الحالي حوالي 8 % من حجم الطاقة العالمي المنتج سنوياً وهي مرشحة للارتفاع بصورة ملحوظة في المستقبل نتيجة والزيادة المتوقعة في الطلب على المياه والمقدرة بحوالي 44% في عام 2050، ، فيما سيشكل دخول أشكال جديدة في مزيج الطاقة العالمي، وبالتحديد الوقود الحيوي، ضغطاً إضافياً على الموارد المائية، إذ تشير التقديرات المعتدلة إلى أن إنتاج الوقود الحيوي بالتقنيات الحالية لتشغيل 5% فقط من وسائل النقل البري حتى عام 2030 يحتاج إلى زيادة المياه المخصصة للزراعة على المستوى العالمي بحوالي 20%، الأمر الذي يعكس تعاظم أهمية المياه كمعيار لتقييم جدوى مشاريع الطاقة.
وأوضح معالي الوزير أن العلاقة بين الطاقة والمياه في دولة الامارات العربية المتحدة والآثار المتبادلة بينهما ربما تكون أكثر وضوحاً من غيرها من المناطق نتيجة لمحدودية الموارد المائية الطبيعية المتجددة من جهة، ونتيجة لنمو الطلب على موارد المياه وموارد الطاقة المتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2020 من جهة أخرى، نظراً لأن زيادة إمدادات المياه سيعتمد بالدرجة الأولى على صناعة تحلية المياه وصناعة معالجة المياه العادمة، وهما من الصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، في الوقت الذي يحتاج فيه إنتاج المزيد من الطاقة الى المزيد من المياه، مع ما ينطوي عليه ذلك من زيادة في حجم الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وبعض الاضرار البيئية.
وفي إطار مساعيها لمعالجة التداخل والآثار المتبادلة بين القطاعين بدأت دولة الامارات العربية المتحدة، في إطار رؤية وطنية طموحة وخطة استراتيجية متكاملة، باتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات في إطار مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد الطبيعية ، تركزت على تعزيز الأطر المؤسسية والتشريعية المتعلقة بالطاقة والمياه وبناء الاستراتيجيات الوطنية ومنها الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على الموارد المائية التي أعدتها وزارة البيئة والمياه في عام 2010، والاستراتيجية الوطنية للطاقة 2020-2030 التي يجري إعدادها حالياً من قبل وزارة الطاقة، اضافة الى مجموعة الاستراتيجيات وخطط العمل على الصعيد المحلي.
الى جانب ذلك قامت دولة الامارات بتبني مجموعة مهمة من الخيارات في مقدمتها خيار الطاقة المتجددة والطاقة النووية للأغراض السلمية اللذان سيوفران حوالي ثلث احتياجاتنا من الطاقة بحلول عام 2020، حيث دُشّنت في مثل هذا الوقت من العام الماضي محطة (شمس 1) وهي أول محطة تعمل بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية قدرها 100 ميجاوات، تبعها تدشين المرحلة الأولى من مجمع الشيخ محمد بن راشد للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تبلغ 13 ميجاوات. وقد تم بدء العمل باستخدام الطاقة الشمسية عن طريق إنشاء عدد من المحطات ذات القدرات المحدودة في بعض المناطق الزراعية لتحلية المياه الجوفية المالحة، فيما ينتظر إنجاز أول محطة لتحلية مياه البحر تعمل على نطاق تجاري بحلول عام 2020.
واهتمت دولة الامارات كذلك بتطوير شبكات نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية عن طريق توظيف التقنيات والابتكارات الحديثة، حيث تتصدر دولة الامارات بلدان منطقة الشرق الأوسط في استخدام شبكات الكهرباء الذكية.
ونظراً للدور المحوري الذي يمثله تعزيز كفاءة استخدام الطاقة والمياه فقد اهتمت دولة الامارات اهتماماً بالغاً بهذا الجانب عن طريق وضع مواصفات ومعايير وطنية ملزمة، وعن طريق الدمج بين الآليات الاقتصادية واستخدام التقنيات الحديثة المُرشِدة للاستهلاك والتوعية بأهمية المحافظة على موارد المياه والطاقة.
وأشار معاليه في هذا السياق الى مبادرة البصمة البيئية التي أطلقتها الامارات في عام 2007، لتكون بذلك ثالث دولة في العالم (بعد سويسرا واليابان) تتبنى مثل هذه المبادرة، واستطاعت من خلالها لانتقال من مرحلة المعرفة والإقرار المحدود لمفهوم البصمة البيئية، إلى دولة لديها بعض أكثر علوم البصمة البيئية تقدماً.
وفي نفس الإطار تبنت دولة الامارات معايير العمارة الخضراء، والنقل المستدام، والإنتاج الأنظف، التطبيقات الخضراء، حيث كان لهذه الإجراءات وغيرها أثر واضح تجلى في المرتبة المتقدمة التي حققتها دولة الإمارات في مؤشر الاستدامة البيئية لعام 2014، حيث قفزت الى المركز الخامس والعشرين عالمياً مقارنة بالمركز السابع والسبعين في عام 2012.
واختتم ابن فهد بيانه بالتأكيد على أن تطبيق نهج الاقتصاد الأخضر في الامارات وفق المبادئ والمسارات التي تضمنتها استراتيجية الامارات للتنمية الخضراء سيكون لها بالغ الأثر في التأكيد على العلاقة المترابطة بين الطاقة و المياه، وتعزيز الجهود الوطنية الرامية الى المحافظة على هذه هذين الموردين الحيويين.