صرحت المهندسة فاطمة الكلباني مدير إدارة الصحة والتنمية الزراعية بوزارة البيئة والمياه أن "الكينوا" برزت في الآونة الأخيرة كإحدى أبرز المحاصيل الزراعية التي تحظى باهتمام دولي لافت باعتبارها مساهم رئيسي في تعزيز الأمن الغذائي العالمي. وتصدّرت "الكينوا" أجندات الأمم المتحدة التي اختارت العام 2013 ليكون "سنة دولية للكينوا"، تقديراً منها لأهمية هذه المادة الغذائية لأجيال الحاضر والمستقبل. وبالتزامن مع تنامي الوعي بأهمية حبوب الكينوا، التي شكّلت الغذاء الأساسي لسكان منطقة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية على مدى 6,000 عام، اتّجه الكثير من دول العالم نحو زراعتها للاستفادة من منافعها الغذائية والاقتصادية، معتمدين في ذلك على تنوعها الوراثي وقابليتها العالية على التكيف مع الظروف الزراعية والبيئية المختلفة.
وأوضحت الكلباني أن دولة الإمارات أدركت باكراً أهمية محصول الكينوا في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي. وإيماناً منها بأهمية الدراسات والأبحاث التطبيقية في دفع عجلة التنمية والتطوير في ظل المتغيرات البيئية العالمية، ومن هنا ركّزت وزارة البيئة والمياه جهودها على إجراء سلسلة من التجارب الأولية في المراكز البحثية التابعة لها لدراسة إمكانية استخدام الكينوا كمحصول بديل للبيئات الهامشية. وأثبتت هذه التجارب قابلية زراعة نبات الكينوا في الإمارات، بالنظر إلى قدرته على تحمل مستويات عالية من الملوحة والنمو في التربة الفقيرة بالمغذيات، بما فيها الرمال والبيئات الجافة ذات معدلات الأمطار التي تقل عن 200 ملم، فضلاً عن اعتماده على تقنية الري بالتنقيط التي تساهم في ترشيد استهلاك المياه.
وأشارت مدير إدارة الصحة والتنمية الزراعية أنه وانطلاقاً من رؤية وزارة البيئة والمياه المتمحورة حول ضمان بيئة مستدامة للحياة وتنفيذاً لتوجّهاتها الاستراتيجية في تحقيق الأمن الغذائي والمائي، أطلقت الوزارة مشروعاً طموحاً، بالتعاون مع "المركز الدولي للزراعة الملحية"، لتقييم وتطوير زراعة محصول الكينوا كمحصول بديل للبيئات الهامشية، بما ينسجم مع حرصها المتواصل على تحقيق استدامة الإنتاج المحلي باعتباره مسؤولية وطنية وأحد الأولويات الاستراتيجية لحكومة دولة الإمارات 2021. وتتمحور أهداف المشروع حول تحديد مدى تأقلم محصول الكينوا مع أنظمة الإنتاج والاستخدام، وتحديد قابلية تحمل سلالات الكينوا للملوحة والحرارة، وتقييم تأثير هذه العوامل على مستويات النمو والإنتاجية والقيمة الغذائية. كما يولي المشروع اهتماماً خاصاً بتحديد الممارسات الزراعية المثلى لزيادة الإنتاج ونقلها إلى المزارعين المحليين، بما يساهم في رفع إنتاجية القطاع الزراعي وتفعيل مساهمته في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وأفادت المهندسة فاطمة الكلباني أن نتائج التجارب الحقلية للمشروع، والتي أجريت في مراكز الأبحاث الزراعية التابعة لوزارة البيئة والمياه، أوضحت نجاح 4 أصناف من الكينوا من أصل 8 أصناف تمت زراعتها باستخدام ثلاثة أنظمة من المعاملات الزراعية هي الري والتسميد والوقاية. وأضافت أنه لوحظ أنّ شهر نوفمبر هو الأنسب لبدء زراعة نبات الكينوا في الإمارات وأن إبريل هو أفضل الشهور لحصاده، حيث حققت مستويات إنتاجية عالية بلغت (4.5) طن/ هكتار لبعض أصناف الكينوا التي أثبتت ملاءمتها للظروف الجوية والتربة، لتقارب بذلك المستويات الدولية ، مما ادى الى زيادة المساحة المزروعة في المراكز التابعة للوزارة إلى (6 ) دونم للموسم الزراعي الحالي.
وأكدت الكلباني أن النتائج الإيجابية للتجارب الحقلية تأتي لتمثل دفعة قوية لجهود وزارة البيئة والمياه الرامية إلى نشر وتطبيق تقنية زراعة الكينوا في المزارع المحلية، وذلك لسهولة زراعته وإكثاره تحت ظروف الدولة المناخية وطبيعة التربة الفقيرة بالعناصر الغذائية، وإدماج زراعة الكينوا ضمن منظومة الإنتاج الزراعي لإنتاج كميات كبيرة منها تلبي احتياجات الأسواق المحلية، حيث يتم العمل حالياً ضمن برامج الإرشاد التي تقدمها الوزارة من خلال المهندسين والمرشدين الزراعيين لزراعة الكينوا ضمن المحاصيل الزراعية وتدريب المزارعين على انتاجها وقد تم اختيار 3 مزارع لتكون اللبنة الرئيسية لزراعة المحصول بشكل انتاجي وستمثل هذه المزارع بداية مهمة وواعدة لنشر زراعة الكينوا عند مزارعي الدولة.
-انتهى-